لحل أزمة الحضانة.. بلدة كرواتية تدفع للأجداد لرعاية الأحفاد

لحل أزمة الحضانة.. بلدة كرواتية تدفع للأجداد لرعاية الأحفاد
رعاية الأطفال في كرواتيا

اعتمدت بلدة ساموبور الكرواتية مبادرة غير مسبوقة لمواجهة أزمتين متداخلتين؛ النقص الحاد في الحضانات، وارتفاع معدلات الفقر بين كبار السن. 

في هذه المدينة الصغيرة الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً فقط من العاصمة زغرب، قررت السلطات المحلية دفع رواتب للأجداد الذين يتولون رعاية أحفادهم المحرومين من أماكن في دور الحضانة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، الاثنين.

تشهد كرواتيا، التي لا يتجاوز عدد سكانها 3.8 مليون نسمة، أزمة سكانية متفاقمة تتجلّى في انخفاض معدلات الولادة، وارتفاع نسب الهجرة، إضافة إلى أزمة رعاية الطفولة المبكرة. 

فالأطفال لا يبدؤون التعليم الرسمي قبل سن السادسة، بينما تظل الأماكن المتاحة في الحضانات محدودة جدًا، ما يؤدي إلى حرمان آلاف الأطفال من الرعاية كل عام.

في الوقت نفسه، يعاني أكثر من 37% من السكان الذين تجاوزوا سن الـ65 عامًا من خطر الفقر، وهي نسبة تُعد ضعف المتوسط الأوروبي، وفي بلد يبلغ فيه سن التقاعد 65 عامًا، وتكون المعاشات منخفضة، يجد كبار السن صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية.

راتب مقابل رعاية الأحفاد

وقالت رئيسة بلدية ساموبور، بيترا سكروبوت، المنتمية لحزب "فوكوس" الليبرالي، إن المدينة تبنت هذا الإجراء مستلهمة من تجربة مشابهة في السويد

وأضافت: "الإيجابيات كثيرة؛ فنحن ندعم الأهل الذين يعجزون عن توفير الرعاية، ونبقي الأجداد نشطين ومندمجين داخل الأسرة والمجتمع".

وبموجب المبادرة، يحصل كل جد أو جدة على راتب شهري قد يصل إلى 360 يورو مقابل رعاية أحد الأحفاد، وهو ما يوازي ما كانت تقدمه البلدية سابقًا لمن يعتمد على جليسات الأطفال أو الحضانات الخاصة.

قبول واستجابة فورية

ومنذ إطلاق البرنامج في نهاية مارس الماضي، تقدّم نحو 30 من الأجداد للاستفادة من الإعانة. من بينهم دوبرافكا كوليتيك، التي ترعى حفيدها فيكتور البالغ 18 شهرًا. 

تقول دوبرافكا: "نحن نكسب بعض اليوروهات، وهذا مفيد جدًا في ظل معاشاتنا المتدنية، كما أن هذه اللحظات تقرّبنا من أحفادنا وتبني علاقة قوية معهم".

بدورها، أعربت ابنتها دانييلا كوليتيتش، وهي خبيرة اقتصادية وأم لثلاثة أطفال، عن ارتياحها للإجراء. 

وأضافت: "إنه أمر رائع أن تترك طفلك مع شخص تثق به تمامًا، وبالطبع فإن العلاقة بين فيكتور وجدته أصبحت أقوى من أي وقت مضى".

ورغم توفر روضتين وعدد من الحضانات في ساموبور، لم يتمكن أكثر من 100 طفل، خصوصًا الأصغر سنًا، من الحصول على مكان فيها خلال العام الماضي، ما دفع السلطات لافتتاح فصل دراسي جديد لمواكبة الطلب المتزايد.

وقالت يوسيبا ميلاكوفيتش، مديرة روضة "غريغور فيتيز"، إن المبادرة تشكل "مساعدة حقيقية للأهالي الذين يعجزون عن إيجاد مكان في الحضانة أو تحمل تكلفة جليسات الأطفال".

تفاعل سياسي واسع

أوضحت رئيسة البلدية أنها تلقت اتصالات من مسؤولين محليين في مدن أخرى أعربوا عن اهتمامهم بتطبيق النموذج ذاته في مجتمعاتهم. 

وبينما يُشيد الكثيرون بالبرنامج كمثال على الحلول المحلية الذكية، لا تزال البلاد تواجه تحديات ديموغرافية كبرى، مع معدل خصوبة لا يتجاوز 1.5 طفل لكل امرأة، وارتفاع معدلات الهجرة نحو أوروبا الغربية.

وتتوقع الأمم المتحدة أن يتراجع عدد سكان كرواتيا من 3.8 مليون اليوم إلى 2.5 مليون بحلول عام 2100، إذا استمرت الاتجاهات الحالية دون تدخل جذري. 

وفي هذا السياق، يبدو أن مبادرة ساموبور تمثل خطوة صغيرة ولكن رمزية في الاتجاه الصحيح، تعيد للأجداد دورهم في النسيج الاجتماعي، وتمنح الأجيال الناشئة رعاية أسرية في ظل فراغات مؤسساتية مزمنة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية